منتدى محامو العدالة يناقش ورقة “نحو مرحلة تأسيسية لاستقلال القضاء”
محامو العدالة || 10 أبريل 2021| صنعاء: ناقش الاجتماع الدوري لمنتدى “محامو العدالة” عصر اليوم السبت، ورقة قدمها القاضي عبدالعزيز البغدادي بعنوان “نحو مرحلة تأسيسية لاستقلال القضاء”.
وعقد الاجتماع، في مقر محامو العدالة – مؤسسة محاماة تعنى بالحقوق والحريات – اليمن، بالعاصمة صنعاء برئاسة الدكتور أحمد حميدالدين، وحضور السفير عبد الاله حجر رئيس الفريق الوطني المكلف بالتعامل مع فريق الخبراء الإقليميين والدوليين، ورئيس مؤسسة محامو العدالة أمين حجر والمدير التنفيذي للمؤسسة بشار الماخذي.
كما حضر الندوة السفير محمد عبدالله حجر وكيل وزارة الخارجية، وخالد حجر وكل قطاع التخطيط في وزارة المغتربين، وعبدالحافظ الفائق عضو الدائرة الحقوقية والقانونية للمكتب السياسي لأنصار الله، وعدنان المتوكل رئيس مؤسسة محامون من أجل العدالة، والدكتور خالد البغدادي نائب رئيس المكتب الفني بوزارة العدل، وعدد من القضاة والمحامين والقانونيين والمهتمين.
وتناولت الورقة المقدمة من القاضي البغدادي محور التعريف بمصطلح المرحلة التأسيسية لاستقال القضاء ومن يضع أسس هذه المرحلة.
ويأتي هذا المحور استكمالا لمحورين سابقين وهما، (بحثا عن مدخل لإصلاح القضاء واستقلالة)، و(في القضاء بين علم الغيب وعلم الشهادة) تم تناولهما ايضا عند استعراض القاضي البغدادي للورقة .
وأشارت الورقة إلى أن السلطة القضائية في العهد السابق قد بُنيت على الأخطاء المتراكمة للسياسيين وأثقال فسادهم سواء في تركيبة النظام أم من حيث الشخصيات الذين شكلوا عبئاً تراكمياً ثقيلاً على السلطة القضائية .
وطالبت الورقة بوقفة جادة لتشخيص العلل التي تراكمت ووضع برنامج عمل لعلاج استراتيجي طويل المدى يزيل ذلك التراكم السلبي ويعمل على وضع الأسس الوطنية لاستقلال القضاء هدفه منع أي تدخل مستقبلي في شؤون القضاء والقضاة بعد تنقية السلطة القضائية من القضاة الفاسدين الذين يتجاوز عددهم السبعين في المائة من مكون السلطة القضائية حسب بعض التقديرات.
واقترح القاضي البغدادي لتنقية القضاء مما علق به من تراكمات فساد كل الأنظمة التي أفسدت في كل المجالات أن تكون هناك مرحلة تأسيسية جديدة، والمدخل لهذه المرحلة يجب أن يكون وطنياً.
وقال “على سبيل المثال يُمكن أن يلعب مجلس نواب منتخب انتخاباً حُراً نزيهاً دوراً في تشكيل جمعية تأسيسية للقضاة بالاشتراك مع نادٍ حقيقي يُمثلهم ونقابة للمحامين ممن لا تتلاعب بناديهم ونقابتهم أهواء الأحزاب الأقرب إلى أوكار العصابات سواء باسم السياسة أو باسم الدين أو باسم المصالح التي يمثلها دُعاة فن الكذب!.
وأوضح البغدادي أن عمل الجمعية التأسيسية وضع الأسس لبناء سلطة قضائية متينة قوية الأركان ومنظومة تشريعية تكفل استقلالها أمام كل العواصف السياسية.
وأكد أن أسس استقلال القضاء لا بد أن تتسم بالثبات النسبي شأنها شأن القواعد الدستورية بل إن قواعد العدالة يُفترض أن تكون أكثر ثباتاً من المبادئ الدستورية لأن حاجة الإنسان للعدالة لا ترتبط بمرحلة زمنية محددة.
واختتم القاضي عبد العزيز البغدادي الورقة بالقول “إننا أحوج ما نكون إلى دراسة كيف نضع تصوراً عن مرحلة تأسيسية لبناء مؤسسة القضاء بناءً سليماً ليكون القضاة الشرفاء وإلى جانبهم المجتمع بعد هذه المرحلة يداً واحدة من أجل حماية استقلال القضاء ومنع التدخل فيه في أي مرحلة سياسية لاحقة أو محطة من محطات التغيير”، مؤكدا أن النظام السياسي الذي يدعم قيام هذه المرحلة ويتيح لها المجال نظاماً تاريخياً يستحق الاحترام.
واستهل الاجتماع بكلمة لرئيس مؤسسة محامو العدالة أمين حجر أكد فيها أن هدف المنتدى النفع العام للمجتمع والنصح للحكومة، مشيرا إلى أن أهم ما يهم المجتمع هو استقلال القضاء.
من جهته نوه الدكتور أحمد حميدالدين بأهمية استقلال وإصلاح القضاء، مشددا على أن استقلال القضاء جز من إصلاح القضاء وأن أهم ما يفسد القضاء هو التدخلات الخارجية في شؤنه بشتى أنواعها، مشيرا إلى أن إصلاح القضاء أصبح مسألة رأي عام تهم المجتمع، وأصبح إصلاحه ضرورة ملحة.
واعتبر أن استقلال القضاء يقوم على أمرين الأول القاضي كشخص من خلال رقابة قضائية متشددة عليه، وفي المقابل ضمانه له وتأمينه ماليا بحيث يكتفي ولا يحتاج، موضحا أن الأمر الثاني يتعلق بالعدالة من خلال مؤسسة القضاء.
بدورة أكد أمين حجر في مداخلة أهمية القضية والمسألة التي تطرقت إليها الورقة المقدمة من القاضي عبدالعزيز البغدادي كون تحقق حدوث التغيير المنشود اللازم في قيادات القضاء العليا والوسطى من رجالات العلم والقضاء المؤمنين بالله والثورة الشعبية وأهدافها الواثقين بها وبأنفسهم لتحقيقها من أولوا العزم والشجاعة والنزاهة والكفاءة والقدرة بالمستوى اللازم لحمل أمانة ومسؤوليات المشروع والمرحلة لمواجهة وتحدياتها والتهديدات الراهنة ومواجهة العدوان.
وشدد على أنه بدون تحقق هذا التغيير لن يتم إصلاح القضاء والذي يجب أن نركز على تناول هذه الجزئية للخروج بآلية ورؤية حولها وبما يعزز جهود المنظومة العدلية والرؤية الوطنية التي نثمن في محامو العدالة جهودها.
وفي مداخلة له أكد السفير عبد الاله حجر ضرورة الاختيار السليم للقاضي الكفؤ، موضحا أن القضاء يتكون من عدة أجهزة وأي رغبة لإصلاح القضاء يجب أن تتناول مختلف هذه الأجهزة وفق خطة ممنهجة .
فيما أشار السفير محمد عبدالله حجر وكيل وزارة الخارجية إلى ضرورة إصلاح القضاء باعتباره أحد المعايير التي تقيم بها الدولة اليمنية من قبل الخارج، مؤكدا ضرورة إيجاد ثقافة مجتمعية تحترم القضاء والعدالة.
من جهته شدد الاستاذ عبدالحافظ الفائق من الدائرة الحقوقية والقانونية للمكتب السياسي لأنصار الله ضرورة خروج جلسات المنتدى وجهوده وترجمتها إلى مقترحات وتوصيات بأليات أو إجراءات محددة تشكل مشاركة مجتمعية تدعم القيادة.
وكلف الاجتماع سكرتارية المنتدى بوضع الية للعمل على الموضوع مع القاضي عبدالعزيز البغدادي للخروج بورقة تستشف رؤيته وتبلور وتستخلص ما تم طرحه في هذه الجلسة باستنتاج للآليات والتدابير والإجراءات الازمة ليتم مناقشتها في جلسة المنتدى القادمة.
واستمرت الندوة على مدى فترتين مدة أربع ساعات أثرت مداخلات الحاضرين ورقة الموضوع “نحو مرحلة تأسيسية لاستقلال القضاء” مؤكدة ضرورة إصلاح القضاء بعيدا عن التدخلات الحزبية والسياسية لتحقيق التغيير المنشود تحقيقا لأهداف الثورة في البلاد في جميع المجالات، منوهة إلى أن القضاء الحر والنزيه ضمان لرقي البلاد ونهضتها.
نص الورقة:
عبدالعزيز البغدادي
ما المقصود بالمرحلة التأسيسية لاستقلال القضاء، ومن يضع أسس هذه المرحلة ؟
في كل محطة من محطات التغيير السياسي سواءً كان تغييراً سلمياً أو ثورياً تكون قيادات السلطة القضائية السياسية ومنظومتها التشريعية والإدارية عرضة للتغيير شأنها شأن بقية السلطات التي يعمل قادة النظام الجديد على تغييرها واصباغها بالصبغة المُعبرة عن الإيديولوجية الجديدة أو التوجه الجديد، وهذا العمل تُسيره رؤى وأفكار ومبررات عامة وخاصة وهو أمر جرت الأمور على عدم استنكاره لأن كل الأنظمة درجت على ممارسته.
وبناءً على ذلك فإن السلطة القضائية قد بُنيت على الأخطاء المتراكمة للسياسيين وأثقال فسادهم سواء في تركيبة النظام أم من حيث الشخصيات الذين يشكلون عبئاً تراكمياً ثقيلاً على هذه المؤسسة، وبذلك أصبح من غير المنطقي أن يُقال لأي نظام سياسي يصل إلى السلطة: توقف عن التدخل في شؤون السلطة القضائية المبنية على أخطاء كل المراحل السابقة!.
إنما المطلوب وقفة جادة لتشخيص العلة أو بالأصح العلل التي تراكمت ووضع برنامج عمل لعلاج استراتيجي طويل المدى يزيل ذلك التراكم السلبي ويعمل على وضع الأسس الوطنية لاستقلال القضاء هدفه منع أي تدخل مستقبلي في شؤون القضاء والقضاة بعد تنقية السلطة القضائية من القضاة الفاسدين الذين يتجاوز عددهم السبعين في المائة من مكون السلطة القضائية سواء قضاة المحاكم أو قضاة النيابة حسب بعض التقديرات، أما أن يتمترس من وصلوا إلى مواقع القضاء ممن ليسوا أهلاً لمواقعهم ضد أي تدخل في شؤونهم بحجة استقلال القضاء فهذا لا يعدو كونه تحصيناً للفساد والفاسدين وإقراراً بما صنعه نظام الفساد السابق وشركاؤه الجدد .
لا بد من التفكير في مرحلة تأسيسية جديدة لتنقية القضاء مما علق به من كل الأنظمة التي أفسدت في كل المجالات، والمدخل للمرحلة التأسيسية في نظري يُفترض أن يكون وطنياً، وعلى سبيل المثال يُمكن أن يلعب مجلس نواب منتخب انتخاباً حُراً نزيهاً دوراً في تشكيل جمعية تأسيسية للقضاة بالاشتراك مع نادٍ حقيقي يُمثلهم ونقابة للمحامين ممن لا تتلاعب بناديهم ونقابتهم أهواء الأحزاب الأقرب إلى أوكار العصابات سواء باسم السياسة أو باسم الدين أو باسم المصالح التي يمثلها دُعاة فن الكذب!.
هذه الجمعية التأسيسية يكون عملها وضع الأسس لبناء سلطة قضائية متينة قوية الأركان ومنظومة تشريعية تكفل استقلالها أمام كل العواصف السياسية، لأن أسس استقلال القضاء لا بد أن تتسم بالثبات النسبي شأنها شأن القواعد الدستورية بل إن قواعد العدالة يُفترض أن تكون أكثر ثباتاً من المبادئ الدستورية لأن حاجة الإنسان للعدالة لا ترتبط بمرحلة زمنية محددة ، ولا يُعقل اليوم أن يتحصن القُضاة الفاسدون ضد التدخل السياسي في شؤون السلطة القضائية لأن وضع القضاء ليس الوضع الأمثل الذي يتوجب احترامه وعلاقات الأنظمة السياسية المتعاقبة ببعضها علاقة ثأرية لا توفر أي قيمة من القيم وفي المقدمة التلاعب بقيمة العدالة.
نعم إننا أحوج ما نكون إلى دراسة كيف نضع تصوراً عن مرحلة تأسيسية لبناء مؤسسة القضاء بناءً سليماً ليكون القضاة الشرفاء وإلى جانبهم المجتمع بعد هذه المرحلة يداً واحدة من أجل حماية استقلال القضاء ومنع التدخل فيه في أي مرحلة سياسية لاحقة أو محطة من محطات التغيير سواء جاء بصورة سلمية أم ثورية وسيكون النظام السياسي الذي يدعم قيام هذه المرحلة ويتيح لها المجال نظاماً تاريخياً يستحق الاحترام.
الظلم داءُ يسقيه الطغاة بدماء المظلومين
والعدالة تبقى بعد أن يفنى جميع الطغاة.