مقالات

تساؤلات حول من يُعزّز استقلال القضاء؟!

عبد العزيز البغدادي

محامو العدالة || 22 أبريل || صنعاء: أحدثَ موضوع يوميات الثورة الثلاثاء قبل الماضي 6 / 4/ 2021 بعنوان: (نحو مرحلة تأسيسية لاستقلال القضاء)

ردود أفعال أغلبها إيجابية وليس المطلوب أن تكتب ما يعجب كل الناس فذلك كما يقال (غاية لا تدرك) وإلا ما استمر التجديد في الحياة !؛

ومن ردود الأفعال الإيجابية قيام منتدى محامو العدالة بترتيب حلقة نقاش كانت اليومية محورها

شارك في النقاش نخبة محدودة من الأساتذة الأجلاء، وفي المقابل قيل أن بعض أصوات لم تظهر إلى العلن اعتبرت تناول موضوع القضاء مساس بقدسيته لأن القداسة من وجهة نظر هؤلاء تشمل القضاة والقضاء كمؤسسة إلى جانب العدالة كقيمة دينية وقانونية وأخلاقية، وهذا خطأ جوهري يقع فيه أصحاب مثل هذه الأصوات وهو جوهر المشكلة التي تحتاج إلى نقاش جاد ومستفيض ومسؤول ليس فقط ممن له صلة مباشرة بعمل القضاء بل ومن كل مهتم بأداء هذه السلطة لواجبها ومع أنه كما يقال: (لا شكر على أداء الواجب) فإن ذلك لا يلغ استحقاق من يحسن في أداء واجبه للاحترام؛

المنتسبون لهذه السلطة عليهم واجب إصلاحها كل في حدود موقعه، والمجتمع له الحق في المراقبة الشعبية لحسن أدائها لواجبها وتحميلها المسؤولية عن أي تقصير فلا سلطة بلا مسؤولية !؛

ونحن هنا إنما نتحدث عن النقد العلمي والموضوعي كحقٌّ لكل من يمتلك أدواته وحيثياته سواءً نقد أداء منتسبي السلطة القضائية أو أي سلطة عامة لأن جميع السلطات ملك المجتمع ومن حق المجتمع أفراداً ومنظمات مجتمع مدني ممارسة النقد لأي سلطة عامة لا تؤدي واجبها على الوجه الأمثل؛

نعم العدالة كقيمة تقع في موقع التقديس الديني والاحترام المدني، أما السلطة القضائية فهي جزء من السلطة العامة وللمجتمع إلى جانب هيئات التفتيش والرقابة الحق في مراقبة حسن أدائها لواجباتها، ولأن السلطة القضائية أداة لتحقيق العدالة فإنما تكون في موقع الاحترام حينما تلتزم باحترام مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات وتثبت عملياً حرصها على تحقيق العدالة وفق شروط موضوعية حددها الدستور والقانون، وبديهي أن هناك اختلاف بين موضوع المستوى العام لأداء القضاء والقضاة الذي يخضع للنقد والتقييم بكل وسائل النقد والتقييم العلمية والموضوعية وبين موضوع الاجراءات والأحكام القضائية التي لاتزال قابلة للتظلم منها أو الطعن فيها بوسائل التظلم والطعن المحددة قانوناً فهذه الأخيرة ينبغي التقيد بما رسمه القانون في مواجهتها لتجنب الإساءة المتسرعة للعدالة قبل اتباع طرق التظلم والطعن!،

إزاء هذه العلاقة المتشابكة حول الواجب والحق في إصلاح القضاء والدفاع عن استقلاله هناك أسئلة تطرح نفسها بإلحاح منها:

من هو صاحب الحق في وضع أسس المرحلة التأسيسية لاستقلال القضاء التي تناولها باقتضاب موضوع يوميات الثلاثاء 6/ 4/ 2021، هل هو مجلس القضاء أم عموم القضاة الذين يتضرر شرفاؤهم من ممارسات فاسديهم، أم صاحب الولاية العامة، أم المجتمع صاحب الحق الأصلي شرعا وديناً وقانونا في كل السلطات ؟؟؟؟؛

هذه بعض التساؤلات التي تستوجب إبقاء الباب مفتوحا أمام كل العقول لرعاية الحقوق والواجبات المتصلة بموضوع يهم كل إنسان في كل الظروف وفي مختلف مجالات الحياة لأن العدل موضوعه عام وفق الآية الكريمة: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قومٍ على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) سورة المائدة آية (8)؛

من هذا المنطلق يؤمل الناس من مجلس القضاء أن يتلقى النقد الموجه للقضاء والقضاة بروح المسؤولية والبحث عن الحقائق والمسارعة في اتخاذ الاجراءات القانونية للمحاسبة لأن التسامح في الحقوق العامة والخاصة من المسؤولين عن حمايتها جريمة قانونية ودينية وليست ميزة كما يرى البعض

والدفاع عن القضاء والقضاة بالحق والباطل إنما هو طريق لسد النوافذ والأبواب أمام إصلاحه الذي لا يمكن أن يتم دون الاعتراف بمكامن فساده ، ولا يمكن أن يؤمن بقيمة هذا النقاش والحوار من لا يرى أن هناك مشكلة تعاني منها مؤسسة القضاء ، وهي مشكلة تفاقمت بسبب التعامل معها باستخفاف وتحويل قضية الإصلاح القضائي كبقية القضايا إلى عمل إعلامي مظلِّل مبني على التشخيص المجتزأ ينتج عنه معالجات موضعية وتجرُّء من بقية السلطات في التدخل في شئون القضاء!،

ولاشك أن المجلس يدرك أهمية المواءمة في عمله بين حقوق القاضي وواجباته، بين ضمان حصانة القضاء والقضاة وحق المجتمع في تحقيق العدالة وأهمية التحقق مما يُنشر وما يقدم من تظلمات بصدر رحب وقلب مفتوح؛

بالتأكيد الإساءة إلى القضاء والقضاة جريمة ، ولكن عدم التفريق بين الإساءة وبين النقد البناء كارثة، وحفظ كرامة القضاة الشرفاء تهم المجتمع قبل القضاة والقضاء !!؛

(ولا تبدوا عداوتكم لقومٍ  *  أتوكم في الحياة مجاملينَ

وقد جارَ القضاةُ إذا أشاروا  *  بأيسرِ نظرةٍ متحاملينَ)

(أبو العلاء المعري)

اظهر المزيد

ر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى