المغترب اليمني في السعودية
لجأ كثير من أبناء اليمن للعمل في السعودية طلبا للرزق منذ ستينات القرن العشرين بسبب القرب الجغرافي لليمن وحاجة السعودية للعمالة.
نتساءل عن مدى وعي اليمنيين لمدى ما تمارسه السعودية عليهم من حقد على مر السنوات.
ونركز في هذا المقال على الممارسات في حق المغترب اليمني في السعودية.
خلال السبعين السنة من تجربة المغترب اليمني للعمل في السعودية تغيرت فيها القوانين والإجراءات في المملكة لمحاصرة وخنق المغترب اليمني لترحيله طوعا او قسرا.
في البداية توجه اليمني للسعودية للعمل وكانت القوانين والإجراءات في تلك الفترة مبسطة فيحق لمغترب مزاولة أي نشاط سواء كان فني، خدمي او تجاري ويحق له تعليم أبنائه والحصول على الرعاية الصحية،
فاطمئن المغترب ونسي وضعه في الغربة وتعامل مع الغربة كوضع دائم فتوسع في انشطته التجارية في السعودية ، واستقر بأسرته فيها لتنقلب عليه الأحوال ويفقد مجهود ومدخرات غربته.
هناك تجارب شخصية كثيرة تعرض فيها اليمنيين للانتهاك بسلب حقوقهم او حجز حرياتهم واهدار كرامتهم الشخصية أثناء غربتهم في اليمن.
لكونه يحمل الجنسية اليمنية ولا توفر له حكومة المملكة الحماية لممتلكاته الخاصة وصون كرامته.
كما تعرض المغتربين في مراحل تاريخية لحملة منظمة من الانتهاك والترحيل القسري عبر إصدار إجراءات حكومية جائرة تستهدف المغترب اليمني بشكل خاص وبتمييز عنصري مقيت تناهضه كافة المواثيق الإنسانية، بسبب النزاع المسلح بين جمهورية العراق ودولة الكويت،
مع ان اليمن والسعودية لم يكونا أطراف في النزاع.
ففي العام 1990م تم تنفيذ عقاب جماعي بحق اليمنيين العاملين في السعودية بفرض نظام الكفيل عليهم واعطائهم فترة زمنية محدودة لمعالجة وضعهم وفق القانون الجديد
مما ترتب عليه رحيل وترحيل أكثر من (800 ألف) مغترب يمني، وضياع مدخراهم وحقوقهم، كما تسبب هذا الفعل بأزمة اقتصادية على الداخل اليمني.
واستخدمت السعودية العقاب الجماعي بحق المغتربين اليمنيين بسبب تباين الموقف الحكومي اليمني والسعودي في حل ازمة الخليج الثانية عند اجتياح القوات العراقية لدولة الكويت واحتلالها.
فقد كان الموقف الرسمي اليمني ضد استخدام القوى العسكرية الأجنبية لإخراج القوات العراقية من الكويت بينما دعت دول الخليج وبعض الدول العربية الى تحالف دولي بقيادة أمريكا.
استمر النظام السعودي في استهداف المغترب اليمني عبر تشديد الإجراءات وفرض نظام الكفيل الذي يمنع اليمني من ممارسة أنشطته التجارية باسمه بل باسم شخص يحمل الجنسية السعودية ويسجل المالك الفعلي للمؤسسة التجارية كعامل لدى الكفيل السعودي.
كما حرمت السعودية المغترب اليمني من حقوقه السابقة في التعليم الجامعي لأبنائه وكذلك حرمانهم من الخدمات الصحية التي كانت تقدم لهم.
فرض النظام السعودي على المؤسسات والمحلات الخاصة بتشغيل نسبة معينة من العمال سعوديين رغم عدم كفاءتهم ورغبتهم في العمل ولكن لزيادة النفقات التشغيلية على المحلات والمؤسسات والتي يمتلك نسبة كبيرة منها أفراد يمنيين.
عملت السعودية على قصر الاعمال والأنشطة التي يعمل فيها اليمنيين على العمالة السعودية فقط
فأصدرت قرارات بمنع تلك الاعمال على الوافدين، فأستهدف الاعمال التي يشتغل بها اليمنيين مثل بيع العسل والتلفونات وغيرها.
وفرضت الحكومة السعودية رسوم على الوافدين وعلى عوائلهم مبالغ كبيرة بما يسمى رسوم إقامة تتضاعف كل عام والمستهدف من هذا الاجراء هو المغترب اليمني
لان معظم الوافدين من كافة الجنسيات الأخرى لا يحضرون عوائلهم الى السعودية مثل المغترب اليمني الذي أطمن للسعودية وأستقر بأسرته
ولان كثير من اليمنيين هم أصحاب الاعمال بالأصل لذلك يستقر مع عائلته لإدارة عمله.
وخلال سنوات عدوان السعودية على اليمن قامت بتعقيد إجراءات تجديد الإقامة والغائها لاي تأخير او نقص في الشروط وما يترتب على الغاء الإقامة من تجميد حسابات المغترب البنكية وفرض ترحيله
دون تمكنه من استرجاع ممتلكاته وفي بعض الحالات تصل الى ترحيل المغترب اليمني واسرته في المسكن لا معيل ولا علم لها
كما استهدف النظام السعودي استقدام الخبرات والكفاءات اليمنية من أطباء، مهندسين ومدرسين أكاديميين للعمل بالمملكة بهدف إفراغ اليمن من الكفاءات إفراغ المؤسسات التعليمية الجامعية والصحية.
وكذلك المؤسسات الإنتاجية من الكفاءات الوطنية وبالتالي شل حركتها عن العمل.
لكن انقلب السحر على الساحر وحاق المكر السيئ بأهله فكان اليمن مليء بكوادره المؤهلة التي استطاعت تغطية العجز بسبب رحيل الكفاءات عن الوطن.
فاستمرت المؤسسات التعليمة والصحية في العمل.
وخلال هذه الأيام استنفذ النظام السعودي من إصدار قوانين جديدة للنيل من المغترب اليمني فعمل على إصدار توجيهات مباشرة الى كافة المؤسسات السعودية بعدم تجديد عقود العمل مع اليمنيين بالتحديد، سواء كان طبيب، أستاذ جامعي، مهندس أوي مهنة.
في إجراء يمثل جريمة تمييز عنصري على أساس الجنسية اليمنية. وما يترتب على هذا الفعل من ضياع لحقوق العاملين.
فهل يعي المواطن اليمني مدى الشر الذي يتملك النظام السعودي على اليمن بأرضه وشعبه كافة؟
وهل سيعي المغترب اليمني ان الإقامة في السعودية هي مؤقتة؟ الغرض منها تحسين وضعه المادي وجمع مدخرات تمكنه من إنشاء مشروعه في اليمن او بلد آخر يحترم الملكية الخاصة وحقوق الانسان.
وان استثماره لنفسه ولماله في السعودية يشكل مخاطر كبيرة على أمواله وسلامته الشخصية والنفسية.
وهل يعي من في قلبه شك ان تدخل السعودية بعملياتها العسكرية بحجة أعادة الشرعية ومساعدة الشعب اليمني هي جريمة عدوان وتدخل عسكري سافر لأجل بقاء اليمن في حالة ركود اقتصادي وفوضى للمجتمع اليمني وسلطة سياسية تابعة وخانعة لها؟
بشار الماخذي
المدير التنفيذي لمحامو العادلة
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي محامو العدالة مؤسسة محاماة تعنى بالحقوق والحريات
وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً