منذ ما يقارب الشهر، عاد تحالف العدوان السعودي الأمريكي إلى تكثيف استهداف الأحياء السكنية في العاصمة صنعاء ومؤخراً مدد عملياته إلى المحافظات مدشناً من محافظة المحويت استهدافه للقرى وسقوط 3 شهداء بينهم أم وطفلها و6 جرحى بينهم طفلان وامرأتين في قرية عجامة بضواحي مدينة المحويت إثر غارات جوية على القرية.
بدون أهداف مشروعة أو مبررة يلقي التحالف بقنابله كل مساء على الأحياء السكنية مستهدفاً في أحد الأحياء ورشة إصلاح سيارات وفي آخر فرناً خيرياً، وبين هذه الأهداف المدنية أيضا تتساوى آثار تلك الغارات في سقوط ضحايا وأضرار في المنازل والممتلكات.
مشاهد فزع النساء والأطفال وصنع مشاهد الرعب التي تشابه الأفلام وفرار العائلات من مساكنها في منتصف الليل لا تعر ف إلى أين سوى ابتعادها عن مكان القصف، أضحت مشاهد مألوفة مؤخراً في العاصمة صنعاء بعد أن توقف التحالف لفترة طويلة عن استهداف العاصمة صنعاء وأحياءها المدنية منذ أعوام.
في العام 2016م تسبب تقرير للأمم المتحدة رصد ميدانياً قصف تحالف العدوان بالقنابل العنقودية لحي الزراعة وسط العاصمة صنعاء في حدوث توتر بين الأمم المتحدة والسعودية التي تضغط على المنظمة عبر تقديم أموال لعدد من مؤسساتها ، فيما خففت السعودية من ذلك الحين من استهدافها المكثف للأحياء السكنية في العاصمة صنعاء ، باستثناء شهر ديسمبر 2017م، حيث قامت الطائرات الإماراتية بقصف أحياء الريان جنوب العاصمة صنعاء بشكل مكثف في محاولة لمساندة الخائن عفاش وتمكينه من الصمود بعد كشف خيانته وكونه جزءاً من التحالف الذي يشن العدوان على اليمن منذ 2015م .
جرى الحديث خلال السنوات الماضية عن هدنة غير معلنة وغير متفق عليها، وإفساح للجهود السياسية لإيجاد مخرج سلمي يحفظ في المقام الأول ماء وجه السعودية.
أرادت الرياض من صنعاء أن توافق على مبادرات سياسية تحمل في باطنها تسليماً بشروطها وفي مقدمها إعلان هدنة طويلة الأمد، وبقاء مارب خارج سيطرة الحكومة في صنعاء، وفتح المطار إلى وجهات محددة يجري الاتفاق عليها، والقبول بسلخ الجنوب والساحل الغربي ضمن مشروع أقاليم لتجزئة اليمن، وهو ما رفضته وترفضه صنعاء جملة وتفصيلاً.
مؤخراً تقدم المبعوث الأمريكي بمبادرة للحل في اليمن تضمنت تعديلات بسيطة على المبادرة السعودية تسمح بفتح مطار صنعاء دون تحديد وجهات، لكنها لا تتحدث بشكل واضح عن وقف رسمي للحرب أو رفع للحصار.
صنعاء من جانبها أصرت على إعلان واضح يوقف من خلاله التحالف الحرب على اليمن، كونه البادئ بالحرب، ويرفع الحصار بشكل رسمي لا لبس فيه، كمدخل إلى مناقشة الحلول السياسية الأخرى وبينها ملف التعويضات والذي يكبر كل يوم بوجه السعودية والإمارات.
عودة التحالف السعودي إلى استهداف المدنيين بشكل مكثف في العاصمة مرتبط بالتطورات الميدانية وانسداد أفق الحل العسكري أمام تحالف الرياض، في محاولة لإرغام صنعاء إلى قبول إخراجها من المستنقع اليمني وفق شروطها .
ويربط عدد من المتابعين عودة الهجمات السعودية على المدنيين بمحاولة الرياض تخفيف الضغط العسكري عن مرتزقتها في مارب، ويقول هؤلاء بأن عودة مارب إلى حضن الحكومة في صنعاء بات محسوماً، وعجزت القنوات الدبلوماسية والوسطاء عن إقناع صنعاء بالاستجابة للمطلب السعودي في هذا الخصوص .
تدرك صنعاء أن القبول بالشروط السعودية في مارب أو لجهة هدنة طويلة الأمد، سيعني دفع فاتورة ضخمة من دماء مواطنيها وإبقاء بوابة عدم الاستقرار والاقتتال مفتوحة.
تفضل السعودية في العديد من الميادين على امتداد المنطقة كما في سوريا وليبيا ضخ الأموال إلى خلايا القاعدة وداعش والإخوان للقيام نيابة عنها باستهداف الأنظمة التي على خلاف معها وارتكاب الجرائم دون تحميلها المسؤولية عنها، وهو مالم يتأتى لها طويلاً في اليمن .
يتحدث مسؤول كبير في صنعاء أن التحرك السريع للجيش واللجان نحو جنوب البلاد في عام 2015م وملاحقة القاعدة في معاقلها، أفشل مخططاً كبيراً لنشر التفجيرات في العاصمة صنعاء وكانت تفجيرات مسجدي الحشوش وبدر المروعة بداياته فقط.
وأضاف: مع تغير واضح تجلى فيه الخصم بعد 26 مارس 2015م لدى اليمنيين وقناعاتهم، فالسعودية بنفسها منذ لك الحين تمارس جرائم سفك دماء اليمنيين في بيوتهم وفي الأسواق وفي المساجد وفي الطرقات وإينما تسنى لها ذلك ، بينما كانت القاعدة ستفعل ذلك بأموال سعودية وتخطيط سعودي ودون أن يجري تحميلها المسؤولية .
ولفت المسؤول إلى أن المراوغة السعودية والضغط لبقاء مناطق خارج سلطة صنعاء هو محاولة لإعادة إحياء وتجميع خلايا القاعدة واستعادة الدور الذي تفضله الرياض في تدمير البلدان من الداخل ونشر الترويع عبر السيارات المفخخة التي تنفجر هنا وهناك، كما حدث في العراق بين عامي 2008م وحتى 2014م، حيث لم يكن ليمر يوم دون وقوع تفجير في الطرقات أو الأسواق أو المساجد سقط حصيلتها مليوني عراقي بين قتيل وجريح وفق تقديرات أممية وخارطة تفجيرات شملت مختلف المحافظات العراقية والطوائف.
صنعاء متفطنة بحسب مسؤولين فيها إلى السياسة السعودية الأخيرة بقصف الأحياء المدنية ومحاولة خلق ضغط شعبي مجدداً لإجبارها على التنازل في ملفات أخرى، ولديها من الردود ما سيفشل هذه السياسة القذرة والدنيئة ويلجم السعودية عن استهداف أحياء العاصمة أو المدنيين في المحافظات البعيدة خصوصاً عن مناطق القتال .
بالأمس كشف المتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحي سريع عن قصف أهداف وصفها بالحساسة للنظام السعودي في جيزان بأربعة صواريخ لم يكشف عن اسمها واكتفى بالقول أنها متطورة تقنياً وتكنولوجياً ودقيقة في إصابة أهدافها .
السفارة الأمريكية وصفت الهجوم بالمروع بعد سقوط صاروخ باتريوت فشل في اعتراض الصواريخ اليمنية على أحد الأسواق، ويبدو أن السفارة الأمريكية والإدارة الأمريكية وحلفاءها السعوديين في حالة صدمة لجهة الأهداف التي جرى ضربها ولم يعلن عنها لا الطرف اليمني أو السعودي ، وكذا الصواريخ المتطورة التي جرى استخدامها في الهجوم ، وتثبت مجدداً عجز الأسلحة الأمريكية وانها أسلحة دعائية في الجزء الأكبر من خصائصها المعلنة.
سريع أشار في بيانه إلى أن صنعاء بصدد أعداد مفاجآت عسكرية للرياض مالم ترتدع عن قصف الأحياء المدنية البعيدة آلاف الكيلومترات عن ميدان المعركة ، وبعد سبع سنوات وإثبات القدرة العسكرية المتنامية في الميدان، أضحى الشارع اليمني مطمئناً ومؤيداً بالكامل لأي خطوة عسكرية تجاه ” العدو السعودي ” بعد أن كانت الحكومة في صنعاء تجد في بداية الحرب صعوبة لإقناع الشارع بجدوائية الصمود والردود الأولية التي انطلقت عبر الحدود في محاولات مستمرة لم تنقطع لإقناع الرياض بوقف عدوانها على اليمن والتوقف عن ارتكاب جرائم الحرب التي يدفعها إليها تحالف ” أمريكي بريطاني إسرائيلي ”
سياسة استهداف المدنيين كسبيل لانتزاع مكاسب سياسية هي سياسة إسرائيلية بامتياز مارستها ” تل أبيب على مدى عقود تجاه الفلسطينيين، تتجاهل فيها الرياض أن في مواجهتها شعباً متجذراً في الحروب ، وحكومة وحركة مجاهدة تتفوق اليوم في صناعة الصواريخ والمسيرات وتقنيات الجيل الخامس من الحروب ، وليست حركات مقاومة محاصرة في نطاق جغرافي وسكاني ضيق ، واستيراد القبب الحديدية، لن يجعل يدها طليقة في شن الهجمات المميتة والمروعة على المدنيين ، وذلك ما أكده الهجوم على أهداف حساسة في جيزان السبت الماضي.